کد مطلب:238508 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:287

حمید بن مهران
36-(عن الامام)علی بن محمد عن أبیه محمد بن علی علیهم السلام ان الرضا علی بن موسی علیهماالسلام لما جعله المأمون ولی عهده احتبس المطر.

فجعل بعض حاشیة المأمون و المتعصبین علی الرضا علیه السلام یقولون: انظروا لما جاءنا علی بن موسی و صار ولی عهدنا فحبس الله تعالی عنا المطر.

و اتصل ذلك بالمأمون فاشتد علیه.

فقال للرضا علیه السلام: قد احتبس المطر. فلو دعوت الله عزوجل أن یمطر الناس؟!

فقال الرضا علیه السلام: نعم.

قال: فمتی تفعل ذلك؟- و كان ذلك یوم الجمعة -.

قال علیه السلام: یوم الاثنین. فان رسول الله صلی الله علیه و آله أتانی - البارحة - فی منامی و معه أمیرالمومنین علی علیه السلام و قال: یا بنی انتظر یوم



[ صفحه 61]



الاثنین فأبرز الی الصحراء و استسق. فان الله تعالی سیسقیهم

و أخبرهم بما یریك الله مما لا یعلمون حالهم. لیزداد علمهم بفضلك و مكانك من ربك عزوجل.

فلما كان یوم الاثنین غدا الرضا علیه السلام الی الصحراء، و خرج الخلائق ینظرون. فصعد علیه السلام المنبر فحمد الله و أثنی علیه ثم قال.

اللهم یا رب أنت عظمت حقنا أهل البیت. فتوسلوا بنا كما أمرت و أملوا فضلك و رحمتك و توقعوا احسانك و نعمتك.

فأسقهم سقیا نافعا عاما غیر رایث و لا ضائر.

ولیكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا الی منازلهم و مقارهم.

قال: فو الذی بعث محمدا بالحق نبیا لقد نسجت الریاح فی الهواء الغیوم و أرعدت و أبرقت.

و تحرك الناس كأنهم یریدون التنحی عن المطر.

فقال الرضا علیه السلام: علی رسلكم - أیها الناس - فلیس هذا الغیم لكم انما هو لأهل بلد كذا.

فمضت السحابة و عبرت. ثم جاءت سحابة اخری تشتمل علی رعد و برق.

فتحركوا.

فقال علیه السلام: علی رسلكم فما هذه لكم انما هی لأهل بلد كذا.

فما زالت حتی جاءت عشر سحابة و عبرت.

و یقول علی بن موسی الرضا علیهماالسلام فی كل واحدة.



[ صفحه 62]



- علی رسلكم - لیست هذه لكم انما هی لأهل بلد كذا.

ثم أقبلت سحابة حادیة عشر.

فقال علیه السلام: أیها الناس هذه سحابة بعثها الله عزوجل لكم فأشكروا الله تعالی علی تفضله علیكم و قوموا الی مقاركم و منازلكم. فانها مسامة لكم و لرؤوسكم. ممسكة عنكم الی أن تدخلوا مقاركم.

ثم یأتیكم من الخیر ما یلیق بكرم الله تعالی و جلاله.

و نزل علیه السلام من [1] المنبر.

و انصرف الناس.

فما زالت السحابة ممسكة الی أن قربوا منازلهم.

ثم جاءت بوابل المطر فملأت الأودیة و الحیاض و الغدران و الفلوات.

فجعل الناس یقولون: هنیئا لولد رسول الله صلی الله علیه و آله كرامات الله تعالی.

ثم برز الیهم الرضا علیه السلام و حضرت الجماعة الكثیرة منهم.

فقال علیه السلام:

أیها الناس اتقوا الله فی نعم الله علیكم. فلا تنفروها عنكم بمعاصیكم. بل استدیموها بطاعته و شكره علی نعمه و أیادیه.

و اعلموا أنكم لا تشكرون الله تعالی بشی ء بعد الایمان بالله و بعد الاعتراف بحقوق أولیاء الله من آل محمد رسول الله صلی الله علیه و آله



[ صفحه 63]



أحب الیه من معاونتكم لاخوانكم المؤمنین علی دنیاهم التی هی معبر لهم الی جنان ربهم.

فان من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك و تعالی.

و قد قال رسول الله صلی الله علیه و آله فی ذلك قولا ما ینبغی لقائل أن یزهد فی فضل الله تعالی علیه فیه - ان تأمله و عمل علیه -.

قیل: یا رسول الله هلك فلان! یعمل من الذنوب كیت و كیت؟!

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: بل قد نجا و لا یختم الله تعالی عمله الا بالحسنی. و سیمحو الله عنه السیئات و یبدلها له حسنات انه [2] كان یمر - مرة - فی طریق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته و هو لا یشعر.

فسترها علیه و لم یخبره بها مخافة أن یخجل.

ثم أن ذلك المؤمن عرفه فی مهواه فقال له: أجزل الله لك الثواب و أكرم لك المآب و لاناقشك فی الحساب.

فاستجاب الله له فیه.

فهذا العبد لا یختم الله له الا بخیر بدعاء ذلك المؤمن.

فاتصل قول رسول الله صلی الله علیه و آله بهذا الرجل فتاب و أناب و أقبل علی طاعة الله عزوجل.

فلم یأت علیه سبعة أیام حتی اغیر علی سرح المدینة فوجه رسول الله صلی الله علیه و آله فی أثرهم جماعة - ذلك الرجل أحدهم - فاستشهد فیهم.



[ صفحه 64]



قال الامام محمد بن علی بن موسی علیه السلام: و عظم الله تبارك و تعالی البركة فی البلاد بدعاء الرضا علیه السلام.

و قد كان للمأمون من یرید أن یكون هو ولی عهده من دون الرضا علیه السلام و حساد كانوا بحضرة المأمون للرضا علیه السلام.

فقال للمأمون بعض اولئك - یا أمیرالمؤمنین - أعیذك بالله أن تكون تاریخ الخلفاء فی اخراجك هذا الشرف العمیم و الفخر العظیم من بیت ولد العباس الی بیت ولد علی.

لقد أعنت علی نفسك و أهلك.

جئت بهذا الساحر ولد السحرة و قد كان خاملا فأظهرته و متضعا فرفعته و منسیا فذكرت به و مستخفا فنوهت به.

قد ملأ الدنیا مخرقة و تشوقا بهذا المطر الوارد عند دعائه.

ما أخوفنی أن یخرج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العباس الی ولد علی؟!

بل ما أخوفنی أن یتوصل بسحره الی ازالة نعمتك و التوثب علی مملكتك.

هل جنی أحد علی نفسی و ملكه مثل جنایتك؟

فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستترا عنا یدعو الی نفسه فأردنا أن نجعله ولی عهدنا لیكون دعاؤه لنا و لیعترف بالملك و الخلافة لنا و لیعتقد فیه المفتونون به أنه لیس مما ادعی فی قلیل و لا كثیر و أن هذا الأمر لنا من دونه.

و قد خشینا ان تركناه علی تلك الحالة أن ینفتق علینا منه ما



[ صفحه 65]



لا نسده. و یأتی علینا منه ما لا نطیقه.

و الآن فأذ قد فعلنا به ما فعلناه و أخطأنا فی أمره بما أخطأنا و أشرفنا من الهلاك بالتنویه به علی ما أشرفنا.

فلیس یجوز التهاون فی أمره ولكنا نحتاج أن نضع منه قلیلا قلیلا حتی نصوره عند الرعیة بصورة من لا یستحق لهذا الأمر.

ثم ندبر فیه بما یحسم عنا مواد بلائه.

قال الرجل: یا أمیرالمؤمنین فولنی مجادلته.

فانی أفحمه و أصحابه و أضع من قدره.

فلولا هیبتك فی نفسی لأنزلته منزلته و بینت للناس قصوره عما رشحته له.

قال المأمون: ما شی ء أحب الی من هذا.

قال: فأجمع جماعة وجوه أهل مملكتك من القواد و القضاة، و خیار الفقهاء لابین نقصه بحضرتهم فیكون أخذا له عن محله الذی أحللته فیه علی علم منهم بصواب فعلك.

قال:فجمع الخلق الفاضلین من رعیته فی مجلس واسع قعد فیه لهم. و أقعد الرضا علیه السلام بین یده فی مرتبته التی جعلها له.

فابتدأ هذا الحاجب - المتضمن للوضع من الرضا علیه السلام - و قال له: ان الناس قد أكثروا عنك الحكایات و أسرفوا فی وصفك بما أری انك ان وقفت علیه برئت الیهم منه.

فأول ذلك [3] أنك قد دعوت الله فی المطر المعتاد مجیئه. فجاء



[ صفحه 66]



فجعلوه آیة معجزة لك أوجبوا لك بها أن لا نظیر لك فی الدنیا.

و هذا أمیرالمؤمنین- أدام الله ملكه و بقاءه - لا یوازی بأحد الا رجح به و قد أحلك المحل الذی قد عرفت.

فلیس من حقه علیك أن تسوغ الكاذبین لك و علیه ما یتكذبونه.

فقال الرضا علیه السلام: ما أدفع عباد الله عن التحدث بنعم الله علی و ان كنت لا أبغی أشرا و لا بطرا.

و أما ذكرك صاحبك الذی أحلنی ما أحلنی. فما أحلنی الا المحل الذی أحله ملك مصر یوسف الصدیق علیه السلام و كانت حالهما ما قد علمت.

فغضب الحاجب عند ذلك و قال: یابن موسی لقد عدوت طورك و تجاوزت قدرك؟!

أن بعث الله تعالی بمطر مقدر وقته لا یتقدم و لا یتأخر.

جعلته آیة تستطیل بها وصولة تصول بها؟!

كأنك جئت بمثل آیة الخلیل ابراهیم - لما أخذ رؤوس الطیر بیده و دعا أعضائها التی كان فرقها علی الجبال فأتینه سعیا و تركبن علی الرؤوس و خفقن و طرن باذن الله -؟!

فان كنت صادقا فیما توهم. فأحی هذین [4] - و سلطهما علی - فأن ذلك یكون - حینئذ - آیة معجزة.

فأما المطر المعتاد مجیئه فلست أنت أحق بأن یكون جاء



[ صفحه 67]



بدعائك من غیرك الذی دعا كما دعوت.

و كان الحاجب قد أشار الی أسدین مصورین علی مسند المأمون الذی كان مستندا الیه و كانا متقابلین علی المسند -.

فغضب علی بن موسی الرضا علیهماالسلام و صاح بالصورتین: دونكما الفاجر. فأفترساه و لا تبقیا له عینا و لا أثرا.

فوثبت الصورتان - و قد عادتا أسدین - فتناولا الحاجب [5] و رضاه و رضضاه و هشماه و أكلاه و لحسادمه.

و القوم ینظرون متحیرین مما یبصرون.

فلما فرغا منه أقبلا علی الرضا علیه السلام و قالا: یا ولی الله فی أرضه! ماذا تأمرنا نفعل بهذا؟! أنفعل به ما فعلنا بهذا؟.

- یشیران الی المأمون - فغشی علی المأمون مما سمع منهما.

فقال الرضا علیه السلام: قفا.

فوقفا.

ثم قال الرضا علیه السلام: صبوا علیه ماء ورد و طیبوه.

ففعل ذلك به. و عاد الأسدان یقولان: أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذی أفنیناه؟

قال علیه السلام: لا، فأن لله عزوجل فیه تدبیرا هو ممضیه.

فقالا: ماذا تأمرنا؟

فقال علیه السلام: عودا الی مقركما كما كنتما.

فصارا [6] الی المسند و صارا صورتین كما كانتا.



[ صفحه 68]



فقال المأمون: الحمد لله الذی كفانی شر حمید بن مهران - یعنی الرجل المفترس -.

ثم قال للرضا علیه السلام: یابن رسول الله هذا الأمر لجدكم رسول الله صلی الله علیه و آله ثم لكم فلو شئت لنزلت عنه لك.

فقال الرضا علیه السلام: لو شئت لما ناضرتك و لم أسألك.

فان الله تعالی قد أعطانی من طاعة سائر خلقه مثل ما رأیت من طاعة هاتین الصورتین - الا جهال بنی آدم - فانهم و ان خسروا حظوظهم، فلله عزوجل فیهم تدبیر.

و قد أمرنی بترك الاعتراض علیك و اظهار ما أظهرته من العمل من تحت یدك كما أمر یوسف علیه السلام بالعمل من تحت ید فرعون مصر.

قال: فما زال المأمون ضئیلا فی نفسه الی أن قضی فی علی بن موسی الرضا علیهماالسلام ما قضی.(عیون الأخبار:ج 2 ص 168).

37- عن الحسن بن علی العسكری عن أبیه علی بن محمد عن أبیه محمد بن علی الجواد علیه السلام قال: لما جعل المأمون أبی علیه السلام ولی عهده حبست السماء قطرها فی ذلك العام.

فجعل بعض حاشیة المأمون و المتعصبون علی علی الرضا علیه السلام یقولون: انظروا لما جاءنا من علی بن موسی. صار ولی عهدنا فحبس عنا المطر.

و اتصل الخبر بالمأمون. فاشتد ذلك علیه و عظم.

فقال للرضا علیه السلام: قد احتبس المطر عنا فلو دعوت الله عزوجل أن یمطر الناس.



[ صفحه 69]



فقال الرضا علیه السلام: نعم. أنا أفعل ذلك.

قال: فمتی تفعل ذلك؟ - و كان یوم الجمعة -.

فقال الرضا علیه السلام: یوم الاثنین.

فان رسول الله صلی الله علیه و آله أتانی البارحة فی منامی و معه أمیرالمؤمنین علیه السلام.

و قال: یا بنی انتظر الی یوم الاثنین و أخرج الی الصحراء و استسقی فان الله عزوجل سیسقیهم.

و أخبرهم بما یرید الله مما لا یعلمون حاله لیزداد علمهم بفضلك و مكانك من ربك عزوجل.

فلمآ كان یوم الاثنین غدا أبوالحسن الرضا علیه السلام الی الصحراء و خرج الخلائق ینظرون.

فصعد الرضا علیه السلام المنبر فحمد الله و أثنی علیه بما هو أهله ثم قال علیه السلام:

یا رب أنت عظمت حقنا أهل البیت فتوسلوا بنا كما أمرت و أملوا فضلك و رحمتك و توقعوا احسانك و نعمتك.

فأسقهم سقیا نافعا عاما غیر رائث و لا ضائر.

ولیكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا الی منازلهم و مقارهم.

قال: فوالذی بعث محمدا صلی الله علیه و آله بالحق نبیا. لقد نسجت الریاح فی الهواء الغیوم و أرعدت و أبرقت.

فتحرك الناس كأنهم یریدون التنحی عن المطر.



[ صفحه 70]



فقال الرضا علیه السلام: علی رسلكم - یا أیها الناس - فلیس هذا الغیم لكم.

انما هو لأهل بلد كذا و كذا.

فمضت السحابة و عبرت.

ثم جاءت سحابة أخری تشتمل علی رعد و برق.

فتحركوا للانصراف.

فقال علیه السلام: علی رسلكم فما هذه لكم و انما هی لأهل بلد كذا و كذا.

فما زال حتی جاءت عشر سحابات و عبرت.

فكل یقوم الرضا علیه السلام: - علی رسلكم - لیست هذه لكم انما هی لأهل بلد كذا و كذا.

ثم أقبلت السحابة الحادیة عشرة.

فقال علیه السلام: أیها الناس هذه - بعثها الله - لكم. واشكروا الله علی فضله علیكم.

و قوموا الی مقاركم و منازلكم. فانها مسامته لرؤوسكم. ممسكة عنكم. الی أن تدخلوا مقاركم.

ثم یأتیكم من الخیر ما یلیق بكرم الله جل جلاله.

و نزل علیه السلام عن المنبر.

و انصرف الناس.

فما زالت السحابة متماسكة الی أن قربوا من منازلهم.

ثم جاءت بوابل المطر فملأت الأودیة و الحیاض و الغدران



[ صفحه 71]



و الفلوات فجعل الناس یقولون: هنیئا لولد رسول الله صلی الله علیه و آله كرامة الله عزوجل.

ثم برز الیهم الرضا علیه السلام و حضرت الجماعات الكثیرة منهم فقال علیه السلام:

اتقوا الله فی نعمكم التی أنعم الله بها علیكم. فلا تنفروها عنكم بمعاصیه. بل استدیموها بطاعته. و اشكروه علی أیادیه.

و اعلموا أنكم لا تشكرون الله تعالی بشی ء بعد الایمان به و الاعتراف بحقوق أولیائه من آل محمد رسول الله صلی الله علیه و آله أحب الیه من معاونتكم لاخوانكم المؤمنین علی دنیاهم التی هی معبر لهم الی جنان ربهم فان من فعل ذلك كان من خاصة الله تعالی.

و قد قال رسول الله صلی الله علیه و آله فی ذلك قولا ما ینبغی لعاقل أن یزهد فی فضل الله علیه فیه ان تأمله و عمل علیه.

قیل: یا رسول الله. هلك فلان. یفعل من الذنوب كیت و كیت.

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: بل نجا و لا یختم الله عمله الا بالحسنی و سیمحو الله عنه السیئات و یبدلها حسنات.

و قال: فانه [7] كان مارا فی طریق و عبر بمؤمن قد انكشفت عورته و هو لا یشعر. فسترها علیه و لم یخبره بها مخافة أن یخجل ثم ان ذلك المؤمن عرفه فی مهواة. فقال له:



[ صفحه 72]



أجزل الله لك الثواب و أكرم لك المآب و لا ناقشك فی الحساب فأستجاب الله له فیه.

فهذا العبد لا یختم له الا بخیر بدعاء ذلك المؤمن.

فاتصل قول رسول الله صلی الله علیه و آله به فتاب و أناب و أقبل الی طاعة الله عزوجل.

و لم یأت علیه سبعة أیام حتی اغیر [8] علی سرح المدینة فوجه رسول الله صلی الله علیه و آله فی أثرهم جماعة - ذلك أحدهم [9] - فاستشهد فیهم.

قال الامام محمد بن علی الجواد علیهماالسلام: و عظم الله تعالی البركة فی البلاد بدعاء الرضا علیه السلام.

و قد كان للمأمون من یرید أن یكون هو ولی عهده دون الرضا علیه السلام و حساد كانوا بحضرة المأمون للرضا علیه السلام.

فقال للمأمون بعض أولئك:

یا أمیرالمؤمنین اعیذك بالله أن تكون تاریخ الخلفاء فی اخراجك هذا الأمر الشریف و الفخر العظم من بیت ولد العباس الی بیت ولد علی.

لقد أعنت علی نفسك و أهلك. جئت بهذا الساحر ولد السحرة [10] و قد كان خاملا فأظهرته و متضعا فرفعته و منسیا فذكرت



[ صفحه 73]



به و مستخفیا فنوهت به. قد ملأ الدنیا مخرقة و تشوفا. بهذا المطر - الوارد عند دعائه -.

ما أخوفنی أن یخرج هذا الأمر من ولد العباس الی ولد علی.

بل ما أخوفنی أن یتوصل بسحره الی ازالة نعمتك و التوثب علی مملكتك.

هل جنی أحد علی نفسه و مملكته مثل جنایتك؟!

فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستترا عنا. یدعوا الناس الی نفسه. فأردنا أن نجعله ولی عهدنا لیكون دعاؤه الینا و لیعرف أن الملك و الخلافة لنا و لیعتقد فیه المعتقدون أنه لیس مما ادعی لنفسه فی قلیل و لا كثیر و أن هذا الأمر لنا دونه.

و قد خشینا ان تركناه علی تلك الحالة أن ینشق علینا منه ما لا نقدر علی سده. و أن یأتی علینا ما لا طاقة لنا به.

و الآن فاذ قد فعلنا به ما فعلنا و أخطأنا من أمره بما قد أخطأنا و أشرفنا علی الهلاك بالتنویه علی ما أشرفنا. فلیس یجوز التهاون فی أمره. ولكنا نحتاج الی أن نضع منه قلیلا قلیلا حتی نصوره عند الرعایا بصورة من لا یستحق هذا الأمر.

ثم ندبر فیه بما یحسم عنا مواد بلائه.

قال الرجل: یا أمیرالمؤمنین - فولنی مجادلته. فانی افحمه و أضع من قدره.

فلولا هیبتك فی صدری لأنزلته منزلته و بینت للناس قصوره



[ صفحه 74]



عما رسخ له فی قلوبهم.

قال المأمون: ما شی ء أحب الی من ذلك.

قال: فاجمع وجوه أهل مملكتك من القواد و الخاصة و القضاة و الفقهاء. لابین نقصه بحضرتهم.

فیكون تأخیره عن محله الذی أحللته فیه علی علم منهم بصواب فعلك.

قال: فجمع الخلق الفاضلین من رعیته فی مجلس له واسع و قعد فیه لهم.

و اقعد الرضا علیه السلام بین یدیه فی مرتبته التی جعلها له.

فابتدأ هذا الحاجب المتضمن للوضع من الرضا علیه السلام.

و قال له: ان الناس قد أكثروا الحكایات و أسرفوا فی وصفك. فما أری أنك ان وقفت علیه الا و برئت منه الیهم.

و أول ذلك أنك قد دعوت الله فی المطر - المعتاد مجیئه - فجاء.

فجعلوه آیة معجزة لك. أوجبوا لك بها أن لا نظیر لك فی الدنیا.

و هذا أمیرالمؤمنین - أدام الله ملكه و بقاءه - لا یوازن بأحد الا رجح. و قد أحلك المحل الذی قد عرفت.

فلیس من حقه علیك أن تسوغ للكذابین لك فیها یدعونه.

قال الرضا علیه السلام: ما أدفع عباد الله أن یتحدثوا بنعم الله عزوجل. و ان كنت لا أبغی بذلك بطرا و لا أشرا.



[ صفحه 75]



و أما ذكرك أن صاحبك أحلنی هذا المحل. فما أحلنی الا المحل الذی أحله ملك مصر یوسف الصدیق علیه السلام و كانت حالهما ما قد عرفت.

فغضب الحاجب عند ذلك فقال: یابن موسی!؟ لقد عدوت طورك و تجاوزت قدرك. أن بعث الله مطرا مقدرا وقته - لا یتقدم الساعة و لا یتأخر - جعلته آیة تستطیل بها وصولة تصول بها. كأنك جئت بمثل آیة الخلیل ابراهیم - لما أخذ رؤوس الطیر بیده و دعا أعضاءها التی فرقها علی الجبال. فأتینه سعیا و تركبن علی الرؤوس و خفقت طائرة باذن الله-.

فان كنت صادقا- فیما توهم - فأحیی هاتین الصورتین و سلطهما علی. فان ذلك یكون حینئذ آیة و معجزة.

و أما المطر المعتاد فلست بأحق أن یكون جاء بدعائك. دون دعاء غیرك من الذین دعوا كما دعوت.

و كان الحاجب أشار الی أسدین مصورین علی مسند المأمون الذی كان مستندا الیه - و كانا متقابلین علی المسند-.

فغضب علی بن موسی علیهماالسلام - و صاح بالصورتین -: دونكما الفاجر فأفترساه و لا تبقیا له عینا و لا أثرا.

فوثبت الصورتان - و قد عادتا أسدین - فتناولا الحاجب و رضضاه و هشماه و أكلاه و لحسادمه.

و القوم متحیرون ینظرون.

فلما فرغا منه أقبلا علی الرضا علیه السلام و قالا:



[ صفحه 76]



یا ولی الله فی أرضه ماذا تأمرنا أن نفعل بهذا؟! أنفعل به ما فعلناه بصاحبه؟

- و آشارا بالقول الی المأمون -.

فغشی علیه مما سمع منهما.

فقال الرضا علیه السلام لأصحاب المأمون و حاشیته:

أفیضوا علیه ماء الورد و الطیب.

ففعلوا به ذلك.

فأفاق من غشیته.

و عاد الأسدان یقولان: ائذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذی أفنیناه.

قال علیه السلام: لا فان لله عزوجل فیه تدبیرا هو ممضیه.

قال الأسدان: فما تأمرنا؟

قال علیه السلام: عودا الی مقركما كما كنتما.

فعادا الی المسند و صارا صورتین كما كانا.

فقال المأمون: الحمد لله الذی كفانی شر حمید بن مهران - یعنی بذلك الرجل المفترس -...(دلائل الامامة: ص 376).

38- روی أن المطر الحتبس بخراسان فی عهد المأمون فلما دخل الرضا علیه السلام و امر.

قال: لو دعوت الله - یا أباالحسن - أن یمطر الناس؟

- و كان ذلك یوم الجمعة-.

قال علیه السلام: نعم.



[ صفحه 77]



علی الناس [11] أن یصوموا ثلاثة أیام: السبت و الأحد و الاثنین.

و خرج علیه السلام الی الصحراء یوم الاثنین و خرج الخلائق ینظرون فصعد علیه السلام المنبر و حمد الله و أثنی علیه ثم قال علیه السلام:

اللهم انت یا رب عظمت حقنا أهل البیت فتوسلوا بنا كما أمرت و أملوا فضلك و رحمتك و توقعوا احسانك و نعمتك فأسقهم سقیا نافعا عاما غیر ضار [12] .

ولیكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم الی منازلهم و مقارهم.

قال الرواة: فوالذی بعث محمدا صلی الله علیه و آله نبیا لقد نسجت الریاح الغیوم و أرعدت و أبرقت و تحرك الناس.

فقال الرضا علیه السلام: علی رسلكم - فلیس هذا الغیم لكم انما هو لأهل بلد كذا.

فمضت السحابة و عبرت.

ثم جاءت سحابة أخری تشمل علی رعد و برق.

فتحركوا فقال علیه السلام: علی رسلكم فما هذه لكم انما هی لبلد كذا.

فما زال حتی جاءت عشر سحائب.

ثم جاءت سحابة حادیة عشر.

فقال علیه السلام: یا أیها الناس - هذه - بعثها الله لكم. فأشكروه



[ صفحه 78]



علی تفضله علیكم و قوموا الی مقاركم و منازلكم. فانها مسامتة لرؤوسكم. ممسكة عنكم الی أن تدخلوا منازلكم.

فما زالت السحابة ممسكة الی أن قربوا من منازلهم.

ثم جاءت بوابل المطر. فملأت الأودیة.

و جعل الناس یقولون: هنیئا لولد رسول الله صلی الله علیه و آله كرامات الله لهم [13] .

و قد قال لهم الرضا علیه السلام - حین قد برز لهم وهم حضور -: اتقوا الله أیها الناس فی نعم الله علیكم. فلا تنفروها عنكم بمعاصیه بل استدیموها بطاعته و شكره علی نعمه و أیادیه.

و اعلموا أنكم لم تشكروا الله بشی ء - بعد الایمان بالله و رسوله و بعد الاعتراف بحقوق أولیاء الله من آل محمد صلی الله علیه و آله - أحب الیكم فی الله من معاونتكم لاخوانكم المؤمنین علی دنیاهم التی هی معبر لهم الی جنان ربهم.

فأن من فعل ذلك كان من خاصة الله.

ثم ان المأمون سمع بذلك و قال له بعض خواصه: جئت بهذا الساحر. قد ملأ الدنیا مخرقة بهذا المطر.

فقعد من الغد للناس.

فقال حاجبه: یابن موسی! لقد عدوت طورك أن بعث الله بمطر مقدور فی وقته. فأن كنت صادقا فأحی لنا هذین.



[ صفحه 79]



- و أشار الی أسدین مصورین علی مسند المأمون -

فصاح الرضا علیه السلام بالصورتین: - دونكما الفاجر - فافترساه و لا تبقیا له عینا و لا أثرا.

فوثبت الصورتان - و قد عادتا أسدین - فتناولا الحاجب و رضضاه و هشماه و أكلاه.

و القوم ینظرون متحیرین.

فلما فرغا أقبلا علی الرضا علیه السلام فقالا: یا ولی الله فی أرضه ماذا تأمرنا أن نفعل به؟ - یشیران الی المأمون - فغشی علی المأمون مما سمع.

فقال الرضا علیه السلام: قفا. فوقفا.

ثم قال الرضا علیه السلام: صبوا علیه ماء ورد.

ففعل به، فأفاق.

و عاد الأسدان یقولان:

أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه؟

فقال علیه السلام: لا، فأن لله أمرا هو ممضیه.

و قال علیه السلام: عودا الی مقركما كما كنتما.

فعادا الی المسند، و صارا صورتین كما كانتا.

فقال المأمون: الحمد لله الذی كفانی شر حمید بن مهران - یعنی الرجل المفترس -.(الخرائج: ج 2 ص 658).

39- قال: لما بویع الرضا علیه السلام قل المطر فقالوا: هذه من



[ صفحه 80]



نكده [14] فسأله المأمون أن یستسقی.

فقبل علیه السلام و قال: رأیت رسول الله صلی الله علیه و آله فی منامی یقول: یا بنی انتظر یوم الاثنین و ابرز الی الصحراء و استسق. فأن الله یسقیهم و أخبرهم بما یرید الله - و هم لا یعلمون - حالك - لیزداد علمهم بفضلك و مكانك من ربك.

فبرز علیه السلام یوم الاثنین و صعد المنبر و حمد الله و أثنی علیه ثم قال علیه السلام:

اللهم یا رب انت عظمت حقنا أهل البیت فتوسلوا بنا كما أمرت و أملوا فضلك و رحمتك و توقعوا احسانك و نعمتك.

فاسقهم سقیا نافعا عاما غیر رائث و لا ضائر [15] .

ولیكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم - هذا - الی منازلهم و مقارهم.

فرعدت السماء و برقت و هاجت الریاح.

فتحرك الناس. فنبأهم علیه السلام ان هذا العارض لبلدة كذا - الی تمام عشر مرات -.

ثم بدا عارض فقال علیه السلام: هذا لكم و أمرهم بالانصراف.

و قال علیه السلام: لم تمطر علیكم ما لم تبلغوا منازلكم.

و نزل علیه السلام من المنبر فكان كما قال.

فقالوا: هنیئا لولد رسول الله صلی الله علیه و آله كرامات الله عزوجل.



[ صفحه 81]



فلما حضر علیه السلام عند المأمون قال له حمید بن مهران: تجاوزت حدك وصلت علی قومك بناموسك. [16] فأن صدقت فأمر هذین الاسدین المصورین اللذین علی مسند المأمون ان یأخذانی.

فغضب الرضا علیه السلام و نادی: - دونكما الفاجر - فافترساه و لاتبقیا له عینا و لا أثرا.

فانقلبا و قطعاه و أكلاه.

ثم استقبلا الرضا علیه السلام و قالا: یا ولی الله فی أرضه. ماذا تأمرنا ان نفعل بهذا؟

قال: فغشی علی المأمون.

فقال علیه السلام: امكثا.

ثم قال علیه السلام: صبوا علیه ماء ورد و طیبوه.

فلما صب علیه. أفاقه.

فقالا: أتأمرنا ان نلحقه بصاحبه؟ فقال علیه السلام: لا. لأن لله تعالی فی تدبیرا هو متممه.

فقالا: فما تأمرنا؟

قال علیه السلام: عودا الی مقركما كما كنتما.

فصارا صورتین علی المسند.



[ صفحه 82]



فقال المأمون: الحمد لله الذی كفانی شر حمید بن مهران [17] .

(المناقب: ج 4 ص 370).



[ صفحه 83]




[1] في المصدر: علي المنبر و هو سهو مطبعي ظاهر و الصحيح من المنبر أو عن المنبر.

[2] أي فلان الشخص الذي مر وصفه.

[3] في نسخة: قال و ذلك.

[4] أي الأسدين المصورين علي مسند مأمون - عليه اللعنة-.

[5] في نسخة: فعضاه و رضاه و.

[6] في نسخة: فسارا الي المسند.

[7] أي ذلك الرجل الفلاني.

[8] من الغارة أي هجم علي المدينة.

[9] أي ذلك الرجل الفلاني الذي تاب.

[10] نستغفر الله تبارك و تعالي و نستعذر ساحة الامام صلوات الله تعالي عليه المقدسة من نقل هذه الكلمات الشنيعة و تكرار هذه الالفاظ السخيفة التي تلفظ بها هذا الخبيث الملعون.

[11] و في المصدر. الناس - و هو سهو مطبعي ظاهر. حذفت كلمة - علي - في الطبع.

[12] في نسخة: نافعه. عامة. غير ضارة(نقلا عن هامش المصدر).

[13] هكذا في المصدر و في المصدر السابق: له.

[14] رجل نكد أي: شئوم.

[15] قال الجزري:في حديث الاستسقاء -: عجلا غير رائث أي غير بطي ء متأخر.(نقلا عن هامش المصدر).

[16] قوله: وصلت من صال عليه: سطا عليه و قهره. و الناموس: ما تلبس به من الاحتياط.(نقلا عن هامش المصدر).

[17] (و جاء في المناقب: ج 4 ص 300- فيما يتعلق بالامام الكاظم عليه السلام -)... و في رواية: ان الرشيد أمر حميد بن مهران الحاجب بالاستخفاف به عليه السلام فقال له: ان القوم قد افتتنوا بك بلا حجة فاريد أن يأكلني هذان الأسدان المصوران علي هذا المسند.

فأشار عليه السلام اليهما و قال: خذا عدو الله. فأخذاه و أكلاه.

ثم قالا: و ما الأمر أنأخذ الرشيد؟ قال عليه السلام: لا، عودا الي مكانكما).

(و ذلك محل تأمل الا أن يقال ان - حميد بن مهران - اسم مشترك بين شخصين كان احدهما في زمن الرشيد - عليه اللعنة - و الآخر في زمن المأمون - عليه اللعنة -).